محمد قناوي يكتب: في "الغرفة 207"..  الرعب كما يجب أن يكون

محمد قناوي
محمد قناوي

شاهدت مؤخرا حلقات مسلسل "الغرفة 207 والمكون من 10 حلقات يتم عرض حلقتين أسبوعيا وكل حلقة تحمل عنوان منفصلا، مرتبط بحكايات وأسرار الغرفة 207، منذ الحلقات الأولى نجح المسلسل في تصدر المشهد وتحقيق أعلى نسبة مشاهدة بين مسلسلات الرعب التي تم تقديمها من قبل، بفضل رؤية فنية خاصة حولت سطور الرواية التي كتبها احمد خالد توفيق قبل سنوات إلي مشاهد حية وملموسة تجعل المشاهد يتفاعل معها بل ويشاهدها كوابيس في أحلامه.

 

نجح المخرج محمد بكير في تقديم مؤثرا بصرية ابرزت رؤيته الفنية بشكل واضح، ويمكن وصف هذه المؤثرات بأنها الأفضل عن ما تم تقديمه من قبل سواء في السينما أو التليفزيون، مؤثرات بصرية تجعل المشاهد جزءا من الحدث الدرامي ومتفاعلا معه.


لقد جاء مسلسل "الغرفة 207" كعمل ينتمي لدراما الرعب مختلفا تماما عن كل ما تم تقديمه من قبل، فقد تعود كُتاب السينما والدراما التليفزيونية أن يربطوا أحداث الرعب والخوف بالأماكن المهجورة والمقابر، فلم يخطر ببال أحد أن يأتي الرعب من داخل غرفة في فندق يرتاده يوميا  عشرات النزلاء، وغرفه سكنها الكثيرين علي اختلاف اعمارهم وثقافتهم وظروفها الاجتماعية والنفسية، فالرواية والمسلسل تدور أحداثه داخل غرفة شيطانية ملعونة يصر مالك الفندق ان يتركها تستقبل النزلاء رغم ما نتج وينتج عنها من أذي لكل من يسكنها.


المكان فندق" لونا" علي شاطئ البحر بمرسي مطروح، الزمان نهاية الستينيات وتحديدا عام 1968، الأحداث : شاب من محافظة البحيرة "جمال الصواف"– محمد فراج- يلتحق بالعمل كموظف استقبال في الفندق، تشعر أنه جاء هاربا من حدث  جلل في حياته ، تكشفه الأحداث مع تتابع الحلقات، يلتحق بالعمل ولا يعلم شيئا عن سر الغرفة الملعونة ولا أحد يخبره من العاملين في الفندق بأي شي فالكل يتجنب الحديث عن الغرفة سواء خوفا منها أو خوفا من صاحب الفندق الإيطالي"مراد مكرم"الذي يعرف السر هو و"عم مينا" محاسب الفندق"كامل الباشا"، فتصبح الغرفة 207 مصدر الرعب للجميع ولا يجروء أحد علي الدخول إليها بمفرده ، دون أن يعلموا السبب، فكل ما يعلمونه عنها أن من يدخلها لا يخرج منها كما دخلها فإما أن يخرج منها جثة هامدة أو مصاب بلوثه عقلية، ولكن الغرفة تختار الشاب القادم للفندق "جمال الصواف" وتناديه ، يدفعه فضوله لمعرفة سرها ليجد نفسه في لعبة رعب شديدة أبطالها هو و"د.شيرين" التي تظهر كطبيبة نفسية، ولكنه يكتشف أنها عفريته  تسكن الغرفة.


سيناريو العمل الذي كتبه "تامرإبراهيم" تميز بالخفة والرشاقة في التنقل بين الشخصيات المبدعة وتصاعد الأحداث بأسلوب مثيروتشويقي ليكشف من تتابع الحلقات الكثير من أسرارالشخصيات نفسها، كل ذلك دفع المشاهد للانسجام مع الأحداث، وهو في حالة ترقب للرعب وماذا سيحدث لكل نزيل جديد يدخل الغرفة الملعونة، نجح السيناريو في تقديم حالة تشويقية بارعة وغير نمطية في مثل هذه النوعية من الأعمال والتي يعتمد فيها الإثارة والرعب علي الموسيقي التصويرية في المقام الاول، بل جاء التشويق والرعب في المشهد نفسه والجمل الحوارية واداء الممثلين، وترجم كل ذلك باسلوب واع المخرج"محمد بكير" جعلت المشاهد متفاعلا مع الحدث واكمل الصورة الرائعة، تصوير"احمد زيتون" وأزياء "مونيا فتح الباب" ومونتاج"معتز الكاتب" والاضاءة المعبرة عن الحالة والفترة التاريخية التي تدور فيها الاحداث.


محمد فراج أكد في أول بطولة تليفزيونية له استحقاقه لها وبجداره، أول مرة شاهدته كان في فيلم"بنات وموتوسيكلات" كان موهبة مبشرة ومع مرور السنوات وصل لحالة النضج الفني ، ليقدم شخصية"جمال الصواف"باداء ممتعا متنقلا ما بين أسلوب موظف الاستقبال المهذب وانفعلات الرعب والخوف وهو داخل الغرفة 207 يبحث عن أسرارها.


ريهام عبدالغفور تلك الفنانة صاحبة الملامح الرقيقة والهادئة والتي لا يظهر بوجهها أي ملامح جامدة أو مرعبة إلا أنها نجحت في تقديم الرعب وارعاب المشاهدين بتقديمها دورين في قمة التناقض، د.شيرين الطبيبة النفسية ونزيلة الغرفة والتي نكتشف انها ليست حقيقية بل خيال ، فقد تجسدت الغرفة في صورتها لتجذب جمال الصواف،ابدعت"ريهام"في طريقة ادائها الهادئ ونبرات صوتها وحركاتها في اثارة الرعب في القلوب.


الفنان الكبيركامل الباشا أو"عم مينا"محاسب الفندق وبئرالاسرارللفندق والغرفة فقدم اداءا استثنائيا مبدعا دون مبالغة ليقف في منطقة خاصة به ونجح في رسم ملامح الشخصية دون تقليد أو مبالغة أو افتعال لمثل هذه الشخصيات مراد مكرم "الخواجة الايطالي صاحب الفندق" تصدقه انه خواجة وايطالي بطريقة كلامة ونطقه للعربية وايضا كلماته الايطالية القليلة وهو الذي يملك سر الغرفة ونجح في تقديم الشخصية بكل ابعادها النفسية.


لا يمكن أن ننسي الاداء الهادء والمميز لأسماء قدمت ادوارا صغيرة ولكن تأثريها كان كبيرا "سلوي عثمان، يوسف عثمان ودينا ماهر وأحمد خالد صالح وهشام اسماعيل وانجي أبو زيد وسامية الطرابلسي وسمر علام".